امرأة لا تجيد الرقص
بقلم
متولي بصل
مصر
انتهى به الحال على رصيف أحد المقاهي، رائحته الكريهة تزكم أنوف
العابرين، وتثير اشمئزاز الجالسين في ذلك المقهى الشهير والقريب من موقف السيارات.
بذل محاولات كثيرة لينال عطف أي شخص من رواد المقهى أو عماله؛ ويحظى
بكوب من الشاي الدافئ الذي سيمنحه شيئا من الدفء؛ وينسيه للحظاتٍ قسوة برد الشتاء.
كل من يراه يدرك أنه مجنون وذلك من هيئته الرثة؛ وملابسه الممزقة
القذرة؛ ورائحته الكريهة؛ والتي تجعل الجميع ينفرون منه، لكن قوامه الممشوق،
وبنيانه الجسدي القوي كانا يثيران الدهشة، ويؤكدان لكل من يراه أنه كان في يوم من
الأيام شابا عاقلا يمارس الرياضة، وأنه حديث عهد بالجنون!
أقرب الجالسين إليه في المقهى كان يرتدي معطفا مميزا؛ أثار فضول ذلك
الشاب المجنون - ربما يُذكِّره بمعطفٍ ارتداه في يوم من الأيام - فأخذ يقترب منه
شيئا فشيئا، وبطريقة غريبة، أثارت قلق الرجل، وجعلته في حالة ترقب وحذر مما قد
يفعله المجنون، لدرجة أنه أخذ يلتفت يمينا ويسارا، وكأنه يبحث عن أي شخص ينقذه من
المأزق الذي يمر به، ورآه أحد عمال المقهى؛ فأسرع نحوه وهو يحمل بيمناه صينية
عليها بعض الأكواب الممتلئة، وأخذ يدفع المجنون عن الرجل بيده الأخرى وبحذر، بينما
كان المجنون قد بدأ يعبث بمعطف الرجل بأصابعه! حاول العامل إبعاده عن الرجل، فما
كان منه إلا أن ضرب الصينية بيده؛ فطارت وطارت الأكواب التي عليها، وسقطت على رؤوس
الجالسين، فقاموا جميعا غاضبين، والشرر يتطاير من عيونهم، ولما رأى المجنون
نظراتهم التي تقدح شررا؛ فر هاربا نحو موقف السيارات القريب.
قذارته كانت تجبر الناس على الابتعاد عنه؛ فلم يعترض طريقه أحد، كما
أن بنيانه الجسدي القوي كان يخيف الجميع، فلا يجرؤ أحد على الوقوف أمامه.
وعندما توَارى عن أعين الجميع خلف دورات المياه الموجودة في نهاية
الموقف؛ فوجئ بثلاثة رجال يقتربون منه، لم يفطن إلى أنهم كانوا يتابعونه منذ زمن.
أحدهم كان يحمل لفَّة تفوح منها رائحة شهية؛ جعلت لعابه يسيل حتى قبل أن يرى ما
بداخلها، ثم وضعها أمامه؛ وفتحها؛ فإذا بها وجبة مغرية من اللحم المشوي، والأرز
والخضار!
مدَّ المجنون يده نحو اللحم بفرح من لم يذقه منذ سنوات؛ وأكل بنهم
شديد، والثلاثة ينظرون إليه وعلى وجه كل واحد منهم ابتسامة رضا، ولم تمر دقائق حتى
فقد وعيه؛ وأصبح من السهل عليهم إتمام المهمة التي جاؤوا من أجلها، ذهب أحدهم وغاب
قليلا؛ ثم عاد راكبا سيارة، سرعان ما نزل منها، وساعد زملاءه في حمل جسد الشاب،
ووضعه داخل السيارة، ثم ركب الثلاثة، وانطلقوا بالسيارة قبل أن يلاحظهم أحد!
على الطريق الممتد بين دمياط وشطا، وفي منطقة نائية، توقفوا بالسيارة
أمام منزل كبير، نزل الثلاثة، وحملوا جسد الشاب؛ ودخلوا به، وهو لا يزال تحت تأثير
المخدر، ثم قاموا بتجريده من جميع ملابسه، ووضعه داخل ( بانيو ) مليء بالماء
الدافئ، ثم طفقوا ينظفونه وكأنهم ينظفون بطة أو دجاجة لطهيها، واستخدموا أنواعا من
الصابون الفاخر، ومجموعة من أدوات التنظيف والتعقيم؛ والتي استطاعوا بها إذابة
وإزالة كل الأوساخ التي كانت تستوطن جلده منذ زمن!
وبعد أن انتهوا من تنظيفه وتجفيفه؛ حملوه عاريا؛ ووضعوه في فراش نظيف،
في غرفة مكيفة؛ ومجهزة بأجهزة طبية تشبه الموجودة في غرف العمليات بالمستشفيات؛ ثم
قيدوا يديه ورجليه بسلاسل حديدية مشدودة إلى أعمدة السرير الذي كان هو الآخر
حديديا!؛ ثم غطوه بملاية ناصعة البياض، ورغم برودة الجو في الخارج إلا أنه كان
دافئا داخل المنزل، بفضل التكييف فالمكان رغم وجوده في منطقة نائية إلا أنه كان
مجهزا تجهيزا يثير الدهشة.
رن جرس الباب، فأسرع أحدهم لينظر
من العين السحرية؛ ولمَّا اطمأن وتعرَّف على الشخص الذي رن الجرس؛ فتح الباب، دخلت
امرأة ثلاثينية، قال لها أحدهم بينما كانت تخلع معطفها :
- كل شيء جاهز، وفي التاسعة
مساء اليوم، عندما يصل الدكتور " صالح" ستتم العملية على خير، وتنتهي
المهمة. المهم إنك تحرصي على إنه لا يسترد وعيه، ضروري يظل تحت تأثير المخدِّر، لأنه
لو انتبه وفتح عينيه لحظة واحدة سيتعبنا، ويعمل لنا مشاكل نحن في غنى عنها.
- لا داعي للقلق، المهمة ستتم
في هدوء وعلى خير مثل كل مرة، المهم ألا يتأخر الدكتور عن موعده.
كان الوقت عصرا عندما خرج الرجال، وبمجرد خروجهم أحكمت إغلاق باب
الشقة، وكانت مطمئنة إلى أن جميع النوافذ مغلقة، فتوقفت أمام المرآة، وبدأت تخرج
بعض الأشياء من حقيبة يدها؛ ومن بين الأشياء التي أخرجتها من حقيبتها قميصا أحمر
يبدو شبيها بالذي ترتديه الراقصات؛ وعلبة صغيرة؛ وحبة زرقاء؛ وجهاز تسجيل صغير؛
ابتسمت ابتسامة خبيثة وهى تفتح تلك العلبة الصغيرة، وتخرج منها واقيا ذكريا، إنها
ليست المرة الأولى التي تقوم فيها بهذا العمل الغريب، ففي كل مرة يحضرون فيها
رجلا، ويقومون بتخديره؛ تقوم هى بتلك الفعلة الشيطانية! ولو أن رجال المؤسسة
اكتشفوا ما تقوم به لقتلوها على الفور، إذ أنها تعرِّض عملهم للخطر، لكن لحسن حظها
لم يتم اكتشافها قط.
تركت كل شيء وذهبت لتلقي نظرة على البضاعة التي أحضروها! فلما رأت الشاب المقيّد في السرير؛ فوجئت بوسامته، وبجسده
الرياضي الممشوق! ويبدو أن الرجال لم يخبروها بحقيقته، التعب أنساهم أن يقولوا لها
أنه ليس سوى مجنون؛ لو رأته في الشارع ما استطاعت أن تتحمَّل رائحته الكريهة، أو
هيئته البشعة.
إنها على ثقة من أنهم لا يحضرون أي شخص، بل يختارون أشخاصا يتمتعون
بالصحة والحيوية، وللتأكد من ذلك فإنهم قبل القيام بمهمة الاختطاف، يقومون بمتابعة
الضحية من بعيد، ولديهم طرق عديدة ليحصلوا من خلالها على المعلومات التي يحتاجونها
عنه، حتى فصيلة دمه، وتاريخه المرضي، ليسوا مجرد عصابة من عصابات سرقة الأعضاء، بل
مؤسسة إجرامية كبيرة تضم بين أفرادها أطباء ورجال أعمال!
خلعت ثيابها، وارتدت ذلك
القميص الأحمر، ثم وقفت أمام المرآة من جديد تتأمل وجهها، كانت ترتدي نظارة؛
فخلعتها؛ ثم بإصبعين من أصابعها غرستهما في تجويف عينها اليسرى؛ وخلعت عينها! كانت
مجرد عين زجاجية! أخذت تمسحها بمنديل ورقي ناعم، ثم أعادتها إلى مكانها، وارتدت
مكان نظارتها قناعا لا يُبدي من وجهها سوى عينيها وأنفها!
يظن من يراها في معطفها
الأبيض أنها ملاك من ملائكة الرحمة، بينما هى في الحقيقة تخفي خلف تلك البراءة
الزائفة شيطانا من شياطين الجحيم، فسعادتها الكبرى تتحقق عندما يعود الرجال بضحية
ذكر! ولولا خوفها من بطش هؤلاء الرجال لكان لها مع كل ضحية شأن آخر، فلديها حساب
كبير مع كل ذكر يقذفه حظه السيئ في طريقها، ووسائل التعذيب التي تتشكل في رأسها
ربما لا تخطر على عقل بشر، من بينها أن تنتزع عينيه الاثنتين بأظافر يديها؛ ثم
تسحب ما يظهر لها من تلافيف مخه إلى الخارج؛ وتمضغها بأسنانها!
منذ فقدت عينها في مشاجرة مع زوجها الفقيد، وهى تشعر أنها فقدت قلبها،
وربما كان هذا هو السبب الذي جعلها توافق على الانضمام إلى هذه المؤسسة، صحيح
دورها ينحصر في مراقبة الضحية، وهو تحت تأثير المخدِّر حتى وصول الدكتور، ثم
المشاركة في عملية انتزاع أحد أعضائه، لكنها قررت زيادة مساحة الدور الذي تقوم به،
وذلك دون علم المؤسسة، ربما لو لم يمنحها القدر فرصة الانضمام إلى هذه المؤسسة
التي تسرق أعضاء الناس، لكانت اليوم قاتلة!
سمعت الشاب يهذي بكلمات غير مفهومة، ولاحظت أن أصابع يديه تتحرَّك؛
فأدركت أنه على وشك أن يسترد وعيه؛ كان عليها أن تحقنه بالمخدّر لكنها لم تفعل!
شغَّلت الأغنية التي اعتادت أن ترقص على أنغامها، وانطلقت تتمايل أمامه وترقص
رقصتها التي أتقنتها من كثرة أدائها! تستطيع أن تقرأ ما يفكر فيه الشاب من خلال
نظرات عينيه، ولأول مرة تجد شخصا يُعجب برقصها! كانت نظراته تبدي انبهارا شديدا،
وإعجابا بحركاتها؛ مما جعلها تشعر بسعادة غامرة، لم تشعر بها من قبل، فحتى زوجها
عندما أحضر لها قميص الرقص هذا وأجبرها على أن ترقص له رغم رفضها، لم يبد أي
إعجاب، بل كان رد فعله أن هجم عليها وضربها ضربا شديدا، حتى فقأ عينها! ذلك
السكير؛ المدمن مهما فعلت من أجل إرضائه، لا يرضى! إنه يستحق تلك الحفرة التي
دفنته فيها. بعد أن انتهت الأغنية، توقفت
عن الرقص، ثم اقتربت من الشاب الذي كان مبهورا بما يراه، ودخلت تحت الغطاء معه، ثم
بدأت تحتضنه وتقبله؛ فوجئت به في حالة استسلام تام لها، ولما لم تجد منه أي رفض أو
اعتراض؛ فكَّت السلاسل الحديدية، ونامت بجانبه في اطمئنان وسكينة لم تشعر بهما من
قبل؛ ودون أن تشعر أخذت تحكي له أشياء كثيرة عن حياتها، وهو ينصت إليها بكل
اهتمام، ويبتسم لها، ويربت على كتفها بيده، ويحتضنها بطريقة عجيبة، وكأنه يعرفها
منذ زمن طويل!
وعندما سألته عن اسمه؛ سرح ببصره وقتا ليس بالقليل؛ ثم قال :
- أسا .. أسا .. مة
خرجت الكلمة من فيه، وكأنها أول كلمة ينطقها في حياته، ثم قال لها
بدهشة واضحة:
- لكن .. .. قالوا إنهم وجدوك
ميتة، معقول كان كلامهم كذب!
- ميتة! أنا ؟!
- كانوا يحاولون إيقاظك من
النوم صباح اليوم الذي كان محددا لزفافنا، كان باقي على الفرح ساعات، لكنك لم
تقومي، قالوا إنها أزمة قلبية!
نزلت بعض الدموع من عينيه، بينما كانت هى في حالة ذهول، احتضنها بقوة؛
وهو يقول :
- لكن الحمد لله يا
"سوسن" إنك موجودة، كان ممكن
أموت يا حبيبتي لو كان أصابك مكروه!
- "سوسن" ! أنا اسمي
..
وضع يده على فمها بلطف؛ وهو يقول لها :
- لا يهم أي شيء يا
"سوسن" ، المهم إنك بخير، الحمد لله.. الحمد لله، إنك موجودة الحمد لله!
كلماته تغلغلت في أعماقها؛ هزَّت كيانها؛ وحوَّلتها من لبؤة مفترسة،
لا تعرف إلا القتل والتنكيل، إلى قطة أليفة وديعة، ممتلئة حبا وحنانا! هى نفسها لم
تصدّق هذا التحوّل السريع والمفاجئ! إنها تشعر ولأول مرة أن في صدرها قلب يدق،
إنها تسمع دقاته ! هل يعقل أن يكون هذا هو قلبها قد بُعث من جديد؟!
أصبحت تشعر أنها تعيش حلما جميلا، وتحس بمتعة كانت تفتقدها منذ سنوات،
وقالت لنفسها وهى تسمعه يناديها باسم غريب ليس اسمها ( هل يمكن أن أهدم ذلك الحلم
الجميل؛ وأحرم نفسي من تلك المتعة من أجل اسم؟! ما الضير من أن يكون اسمي
"سوسن" المهم أنني وجدت أخيرا الشخص الذي أشعر معه بالحب الذي كنت
أفتقده، والأمان الذي كنت محرومة منه.
تذكّرت المهمة التي أحضروا من أجلها ذلك الشاب الذي وجدت فيه ما كانت
تبحث عنه منذ سنوات، أفزعتها فكرة أنهم سيفتحون بطنه؛ ويخرجون أحشاءه؛ لينتزعوا
كبده أو طحاله أو كليته أو .. ثم يلقون به على رصيف أي طريق!
ولأول مرة منذ شاركت في هذا العمل الإجرامي، تشعر ببشاعة الأمر؛ إنه
جريمة كبيرة يستحق مرتكبها أكبر عقوبة.
فقامت مسرعة نحو ملابسها لترتديها، وبحثت في كل مكان عن أي ملابس
تناسبه، لكنها لم تجد إلا ملابس ممزقة نفرت من رائحتها، واندهشت لوجودها؛ وسألته :
- أين ملابسك يا أسامة؟!
بدا لها مثل الطفل الصغير وهو يحاول أن يتذكر أين ملابسه، ونظر إليها
نظرة تساؤل؛ ثم أخذ يردد كلامها :
- ملابسي! أين ملابسي ؟!
عقارب الساعة على الحائط تشير إلى الثامنة، ساعة واحدة ويداهمهم رجال
المؤسسة، تذكرت أنهم يحتفظون بملابس إضافية لهم في صندوق مع بعض الأدوات الطبية؛
أخرجت كل الملابس، لتختار له شيئا يناسبه؛ ثم ساعدته على ارتداء هذه الملابس؛ ثم
خرجت به نحو الطريق الرئيسي. سارا على الرمال وقتا حتى وصلا إلى هذا الطريق، لكن
لحسن حظهما لم يأخذا وقتا في انتظار وقوف سيارة في تلك المنطقة النائية؛ فقد توقفت
إحدى سيارات الميكروباص القادمة من دمياط، والمتجهة إلى شطا، جلست ملتصقة بحبيبها
"أسامة" وكأنها تخشى من أن يضيع منها في أي لحظة، لقد ضحَّت بأشياء
كثيرة من أجل ذلك الحبيب الذي لم تره ولم تتعرَّف عليه إلا منذ ساعات!
بات عليها أن تنسى شقتها التي كانت تعيش فيها في دمياط؛ وتنسى كل ما
فيها من أثاث وفرش وملابس؛ فذهابها إليها معناه تعرضها للقتل على يد رجال المؤسسة.
لكن ما هوَّن عليها الأمر أن عقد تلك الشقة سينتهي في بضعة شهور، كما
أنها منذ اليوم الأول لانضمامها للمؤسسة، كانت تجهز نفسها للأسوأ؛ سواء اكتشاف
رجال الشرطة أمرها، أو انقلاب رجال المؤسسة عليها لأي سبب، ومحاولة إيذائها أو
قتلها؛ ولذلك كانت قد استخرجت لنفسها هوية مزيفة باسم آخر؛ واشترت شقة في منطقة
بعيدة في الإسكندرية؛ وجهزتها بكل ما تحتاج إليه، وأخفت فيها كل الأموال التي
اكتسبتها من عملها مع المؤسسة.
عندما وصلت هى وأسامة إلى موقف السيارات في شطا؛ ركبا أول سيارة متجهة
إلى الإسكندرية.
في التاسعة مساء رجع الرجال
الثلاثة، ومعهم الدكتور " صالح" لكنهم لم يجدوا المرأة أو المجنون! فوجئ
الجميع بأن السلاسل الحديدية قد تم فتح أقفالها! فتشوا كل أركان المنزل لكنهم لم
يعثروا على المرأة أو المجنون.
تحت السرير الحديدي لاحظ الدكتور شيئا غريبا يلمع؛ انحنى حتى تتمكن
عيناه من التعرّف عليه؛ وكم كانت دهشته عندما تبين له أنه عازل ذكري، لكنه لم يكن
فارغا! قال وهو يغالب ذهوله؛ ويشير للرجال نحوه :
- الهانم يظهر إنها قضت وقتا
ممتعا مع الحالة! معقول بعد ما خلصت هرّبته !
ظهرت الدهشة على وجوه الرجال الثلاثة، لكن لم يجرؤ أي واحد منهم على
أن ينطق بأي كلمة؛ فاستطرد الدكتور قائلا :
- أكيد هو وسيم جدا؛ لدرجة
إنها تضحِّي بحياتها، وتعرّض نفسها للموت!
فتح أحد الرجال فمه؛ وقال وهو يُبدي دهشته :
- وسيم !! يا باشا هو مجرّد
مجنون!
رد الدكتور بسرعة، وهو يوجه كلامه للثلاثة معا؛ وكأنه يلقنهم درسا :
- المجنون فعلا هو من يحاول
أن يتلاعب بنا، ويخون الأمانة، ويقصر في أداء مهمته؛ لأن العقوبة الوحيدة التي
نعرفها هى الموت.
هز الثلاثة رؤوسهم وكأنهم يؤكدون كلامه؛ وقال أحدهم :
- تمام يا باشا، تمام.
بنبرة غاضبة؛ قال لهم :
- والآن لا أريد أن أرى وجه
أي واحد منكم إلا بعد أن تحضروا لي هذه الملعونة، والبضاعة التي هربتها، كان
المفروض أرجع الليلة ومعي كلية جاهزة، من سيدفع تكلفة هذا التأخير؟!