Translate

نجع الخير للكاتب / طلعت مصطفى العواد مصر -دمياط - مدينة السرو


 

نجع الخير

يغوص القطار فى سراديب الليل ، على بقايا المقعد الخشبى تكورت نفيسة غائرة الوجنتين ، ندوف شعر بيضاء تنفلت من قبضة قماطها تداعبها رياح متربة ، يرافقها ضخب اصطكاك حديدى ، طلقات أصوات الباعة تنطلق هنا وهناك:
(ساقعة مثلجة -لب حلاوة ) تتراص الأجساد متلاصقة .شىء جاثم على الصدور .إنها الدرجة الثالثة ، فجأة دلف من الباب أريج عطر لشخصية شماء سامقة الطول ، تنفست العربة الصعداء .حاول الجميع رشف شهيق طويل لينعم بالرائحة حتى ينفك صيق الصدور ، حدقوا إليه باستغراب وتساءلوا إنه من أهل الدرجة الأولى ، ماذا أتى به هنا ؟لابد أنه أخطأ الصعود ، ظفرت عين الرجل على بضع سنتيمترات فارغة جانب نفيسة ، جاهد حتى جلس ، عين المرأة مسحت ثياب الرجل حتى أفتر ثغرها عن ابتسامة خافتة قائلة :تذكرتك أولى أم ثالثة ؟
أردف قائلا : حكايتى إسمعيها ثم احكمى على هل أنا من أهل الأولى أم الثالثة ؟
أنا من أكبر تجار مصر الآن ، و السبب الأستاذ عوض الله ، كنت أشقى أهل الأرض (حرامى )ذات يوم تسلقت الماسورة ، سرسبت جسدى من الشباك ، أبصرت نفسى أمام أمل كنت أرومه ، دجاحةشهية ، هممت لأطفىء لوعتى .أثناء إلتهامى تذكرت أهل البيت وهم جياع وأن دموع الجوع ستحرقهم مثلى ، فتركت لهم نصف الدجاجة رفقا بهم ، باطمئنان أكلت ثم نقبت عن شىء ثمين ، قاطعته نفيسة :أكيد حظيت بكنز كبير.
قال: هتكت أستار البيت لم أعثر على المال .وجدت مجلدات وأشياء تستر الأجساد ، يبدوا أن رب البيت موظف يعيش براتبه ، وأتا ناهض بالخروج أكفهر الطقس ، مد الظلام جحافله ، أصوات صمت رهيب و إذ بالأستاذ عوض الله أمامى ،
وقفت مسلوب الإرادة ، تذكرت شرنقة السجن والزج فيه لا محالة ، رمقنى الأستاذ بنظرة سحقتنى ، تراخى كل ما فى قلت بيأس : لا تضرب .
قال : ماذا فعلت بنا ؟
قلت : أكلت نصف الدجاجة. قال : والنصف الآخر !
قلت : تركته لكم رفقا. قال : أتيت من أجل لطعام
قلت : والمال
قال: وما دفعك إلى طريق النهب والجزع
قلت : لوعة أطفال جوعى ، دغدغة برد الحرمان ، قسوة قلب ثرى .
قال: ألا تعرف عقاب السارق عند الخالق ؟
قلت: ماذا تفعل لو كنت نظيرى ؟
قال: سأرشدك إلى درب مستقيم على أن تعطنى موثقا أن تفر من سكتك هذه إلى درب الصالحين .
نفضت الخوف الجاثم على صدرى وقلت : أعاهدك
فوهبنى الرجل نصف راتبه قائلا :إذهب إلى السوق وتاجر.
مرقت من جانبى رياح سموم أذابت أقفال قلبى ،.فانبرى الكون ضاحكا . .وانداحت غيوم السماء إلى طير خضرة ، والأرض المكفهرة إلى أريج مبثوث , وسياط القلوب إلى لحن عذوب ماأحلى الحياة !
طفقت وأنا أمضى تنساب قدماى بسرعة ، وطئت القاهرة .فتشت عن عمل .وجدت تاجرا للغلال .افترشت رصيفا مجاورا و بنقود الأستاذ كانت تجارتى بائعا للحبوب بلسان محبوب .
توافد الناس علّى ، ربحت وامتلكت محلا نمت تجارتى ، صرت أكبر تاجرا رصيدى بالمليار.
لكن شيئا ما يثقل كاهلى ، أود رؤيته ، سأنقب الأرض عنه.
امتلك نفيسة صمت الشجون ، لوعة الرجل شرخت الهدوء قالت له : عما تسأل ؟
الأستاذ عوض لله مدير المدرسة من نجع الخير .
هرع الرجل قائلا : أغيثينى أين أجده ؟
ربتت المرأة بحنو على كتف الرجل قائلة أ نا فى الطريق إليه إنه نزيل معهد الكبد ، فترسه الفيروس ، وصار كعود ممصوص ، ولا أمل فى الخلاص سوى كبد سليم.
فى لهفة مرتجفة أبرز هاتفا .الباشا معك .كم يحتاج الأستاذ عوض الله ؟ نصف مليون ، يصرف فورا ، أنا فى الطريق إليك ما يلزم يتم من تحاليل أشعة زرع وخلافه.
بهتت نفيسة .شط بها الخيال زفرت زفرة كم عانى الأستاذ !
فى ورقة تحاليل واحدة من دمياط إلى المنصثورة دفع فيها مرتب عام ، لا أصدق ما جذبه سمعى .
قال: الرجل هيا إلى المعهد .
اضطراب وهدوء حذر يعم المكان .سعادة الباشا وصل أفسحواالمكان .
اطمأن لكل شىء لكن الكبد غير متوفر .قال : خذوا منى نصف كبدى
على سريرين متقابلين .إفاقة متفاوتة للأستاذ عوض الله أردفتها إفاقة الرجل
قال : الأستاذ عوض الله من ؟
قال الرجل : تلميذك آكل شطر دجاجتك
قال الأستاذ ما أتى بك هنا ؟
قال الرجل : أعطيتك نصف كبدى وأنت أعطيتنى الحياة بحق
قال الأستاذ له : أنت أستاذ الحياة
أردفت نفيسة قائلة : أنت من أهل الدرجة الأولى
قال الرجل : وأستاذى من أهل القمة
طلعت مصطفى العواد
مصر -دمياط -مدينة السرو
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏ابتسام‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات مميزة

DR. MUJË BUÇPAPAJ - ALBANIA .. Poet Mujë Buçpapaj was born in Tropoja, Albania (1962). He graduated from the branch of Albanian Language and Literature, University of Tirana (1986).

DR. MUJË BUÇPAPAJ - ALBANIA  Poet Mujë Buçpapaj was born in Tropoja, Albania (1962). He graduated from the branch of Albanian Language...

المشاركات الأكثر مشاهدة