Translate

الخبز والكفن قصة قصيرة للكاتب المصري / محسن خزيم



 الخبز والكفن

__________
كنا نسابق الريح ، فقد وصلت رسالة الأن لأحدنا عبر الهاتف،
تقول نحن عند شجرة الصبا وقد
أغلقوا كل الطرائق، نريد ماء وخبز
وكفن، ثم أنقطع الأتصال،يا لها من رسالة موجعة والألم منها أشد من
ألم الحريق، سألني صديقي الذي حضرت معه تلك الندوة التي جلس
فيها الفرقاء ،يتلون أبياتا من الشعر
وبعض النساء المودرن،يمسكن بالهواتف وهن يمصمصن شفاههم،
حسرة علي قسوة العدو ،وعدم رحمته بينما فيهن من ينشد بحرية
بلادة ،والنعيم المرتقب،وهي تعرف
إن فقراء حيها ،يتسكعون في الطرقات شحاذين، بينما تبدو الصورة أمام أعيننا ضبابية ،
كان صديقاي يفكران ،كيف يكون الرد عملي علي صديقنا ،هناك في أرض المعركة،حينما صرخت قائلا : هيا بنا الأن نذهب إلي جمعية أحرار العرب، لنعرض عليهم التطوع
لإيصال المساعدات لأشقائنا في الميدان ،كان حماسنا شديد ،لكن الخذلان أشد وطأة حين رفضت
كل الجمعيات نداء تطوعنا وسفرنا،
ماذا نفعل...؟ هل نعيد بعض صور أبطال المقاومة علي هواتفنا، ونجلس علي المقاهي مكلومين، ونظرف شذرات الدمع الحزين ،
أم علينا بالدعاء مستسلمين، كنا قد أوشكنا علي الإنهيار والاستسلام ،
لولا نداء القدر، فقد دعينا إلي حفل
تابين أحدي الراقصات الشهيرات ،
كانت دعوة صادمة، إنما داعيها رجلا صادقا ،وذكي يتمتع بأفق متسع ،قال سنلتقي هناك برجل
يبحث عن متطوعين، لأرسال الاشياء إلي مدينة الصمود،
لم نكذب خبرا، فقد لبينا مسرعين
إلي ذلك اللقاء،والذي بالحق أقول،
وجدناه لبي طلبنا بالسفر إلي الأشقاء ، كانت حيلة صديقنا الذي
قابلنا في حفل التأبين إن ترتدي ملابس الصحفيين، وندخل من أحد معابرنا المغلقة، سافرنا ونحن نحمل في السيارة،ماء وخبز ،وكفن،
لم نحمل بندقية، ولا خنجرا، بل حملنا ارواحنا علي أكفانا، لنلحق بأصدقاء الطفولة التي جمعتنا،هناك
يوم كانا آباؤنا في بعثة إلي غزة،أستمر السير طويلا،الطريق صعب وشاق،والخوف ليس حليفنا ،لكن القلق يلا زمنا،
نريد الدخول لنلبي نداء أصحاب
الرسالة،حتي نصدق العهد والميثاق
وإن نكون بينهم في وقت تخلي عنهم العالم، وصلنا إلي احدي معابر
الحدود تقدمنا وسيرنا، حتي اقترب
صوت أنات الاطفال وصراخهم ، المشهد لم نراه من قبل لكنه هو بلاشك من صنع الأنسان،ألم تكن آلة
الدمار هذة من صنعه ،الصوازيخ والقنابل والطغيان ،وكذلك الخذلان والتواطأ، ما علينا هي اشياء لا تشتري، المروءة والشجاعة مثل الذهب لا يصدأن الا مع العرب ،
كنا قد وصلنا إلي نقاط نعرفها مع
عبثية المشهد،اختلطت علينا الصورة فلقد وجدنا أشجار الزيتون
ملطخة بالدماء ووجدنا كل الأديرة
تشبة العدم والفناء،كان علي قائد
السيارة الانحراف في كل الاتجاهات مع التموية ،فنحن امام عدوا لايعرف الشرف وكل وسائل
النصر لديه ممنوحة من الخيانة والعار ،رويدا رويداً وصلنا وجدنا
شجرة الصبا قد محيت،لكنا وجدنا
شيئا غريب ،لقد وجدنا الموتي اعطوا الاحياء الاكفان ووجدنا الاحياء اعطوا الموتي الماء، لقد ضحوا من اجل الارض التي احتضنت هم في عزة وشموخ ...
محسن خزيم
مصر
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏إضاءة‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات مميزة

قدْرَ العربْ للشاعر : متولي بصل - مصر

  قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ   مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ و...

المشاركات الأكثر مشاهدة