الوسادة .
كان حالم طفل نشيط بارع التفكير يزاول تعلمه باحدي المدارس الريفية يكره حصة الاملاء وفي كل حصصها يعاقب بالحرمان من الدرس .
كانت معلمته تعاقبه وتحب نشاطه .
حالم كان يعشق الرسم علي ظهر كراساته ...
افضل رسوماته هي الوسادة .
تكرر الرسم في جل مراحل تعلمه .ولما كبر وانتقل الي المرحلة الاعدادية حافظ علي نفس الرسم .
ظل كعادته يكرر ذلك وفي اي كراس لمادة ما ..مرت مراحل الاعدادي وحالم يرسم ويكرر دون ملل وكلل ورغم تميزه في الدراسة ظلت الوسادة لم تفارق كراساته ...
ختم مرحلة الاعدادي وانتقل الي الثانوية مرحلة بدات علامات الشباب تكتمل علي وجه حالم وظهرت رجاحة التفكير في العادات والانشطة وحالم لم يتغير في رسمه ...
كثرت مواد الدرس وبرزت اشارات التخصص في التعلم ....
حالم يدرس المواد العلمية ومتميز فيه وكذلك الادبيات .كان يكتب الخواطر وبعض الاشعار هوايات شبابية في راس حالم يمارسها كلما اطلق العنان للقلم .
وظلت الايام تمر والسنوات تتعاقب وحالم متميز في الدراسة .تخصص حالم في شعبة علمية واختار شعبة التقنية .
هل ستموت الوسادة ...؟
لا .لا .لا
لا تموت .
هي في اخر كراس مادة التخصص ...
جاءت سنة الحسم الدراسي وصار لحالم حلمان :
حلم النجاح والحصول علي شهادة الباكالوريا .
حلم الوسادة .
اي وسادة ...يا حاتم ..! كبرت انت ...
بدا الصراع مستمرا بين التخصص العلمي والوسادة .
وظل حالم يرسم الوسادة علي اخر اوراقه ...
جاء اليوم الموعد ...التصريح بنتائج الباكالوريا ..
حقا انه شهر جوان ...
طلب حالم من امه عدم ازعاجه في ذاك اليوم .
قالت وهي ترتجف ...ووجهها شاحب مصفر لا حياة فيه
لم يبالي حالم واحكم باب غرفته بكل قسوة .
تري ما به حالم ...؟
وهي تقول : خايف من الباك توا اتفك عليك الوسادة ...
ظلت تردد ذلك مرارا وهي في المطبخ متشذية بين احضار البيت للفرح بالنتيجة ..وكلما حركت الوسادة قصد تنظيم الغرف الا وسال الدمع من اعلي جفونها ...
ظلت علي تلك الحال ...
حالم في غرفته يرسم الوسادة .السرير مفروش بأوراق الرسومات لا تكاد تمييز بينهما .حالم في وسطها تارة يرسم وطورا يتحسس قلم الرصاص .
انه يوم حر وقاس .ظل حالم في غرفته رغم انقطاع التيار الكهربائي وصمت المكيف ها هو العرق يتصبب من جسمه النحيف وكامل وجهه الشاحب .
وهو يقول : الوسادة الذهبية تصلح للعرض الوسادة الذهبية تصلح للعرض
ويردد ذلك بأعلى صوته..
قالت الام : حالم ..حالم ابني ...
عبد السلام سليمي: الرقاب سيدي بوزيد تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق