كل شيء على ما يرام
بقلم
صبري غانم
* تحتاج إلى طبيب نفسي، هكذا صرحت لي زوجتي في لحظة صفاء قليلا ما تمر بنا ، أنت تعاني و تحتاج إلى المساعدة ، أنا أشعر بك ، بداخلك مرجل لا ينتهي ضجيجه ، من المستحيل أن تستمر الحياة هكذا
- لست مجنونًا
* مراجعة الطبيب النفسي لا تعني الجنون ، تعني الحاجة فقط للمساعدة
* كلنا تمر علينا لحظات ضعف نحتاج فيها للمساعدة
- أنا بخير
* أعرف طبيبا نفسيا مشهورا من أفضل الأطباء في هذا المجال
- صحت بها هذا أخر يوم لك معي، عندما أعود في المساء لا أريد أن أراك
حتى زوجتي تراني مجنونًا !!!! ،
مضيت على غير هدى حتى تعبت، شعرت بالجوع فتوقفت عند أول عربة طعام في الشارع
همست لجاري: هل أنا مجنون؟ ضحك الرجل ملء فمه فتساقط بعض الطعام منه وقال : كلنا مجانين، تركته ومضت
لم أنتبه لنفسي، إلا وأنا على النيل في منطقة المعادي
لقد قطعت مسافة كبيرة دون أن أدري من مصر الجديدة إلى المعادي
أجرت مركبا صغيرا في النيل
بدأ المركب يتحرك ببطء، أحملق في المياه تارة وفي السماء الصافية تارة أخرى
أحاول الهروب من شبح الطبيب النفسي ، أشعر به يطاردني، أتنهد بعمق، يلفت هذا نظر صاحب المركب فيقول : الدنيا لا تستحق و كل نساء العالم لا يستحقون هذا الحزن
ابتسمت و من أدراك أن سبب حزني امرأة ؟
يرد بصوت يتصنع به الحكمة : النساء يا بني هم سبب تعاستنا نحن الرجال ، السيدة حواء هي من أخرجت أبانا آدم من الجنة يحب أن لا ننسى هذا أبدا
ضحكت و أنا أقول : ليس الأمر كما تعتقد
هز رأسه غير موافق على ما أقول : أول مرة أرى رجلا ليس سبب حزنه امرأة .
عدت إلى المنزل ممنيا نفسي بأن تكون زوجتي غير موجودة.
- ألم أقل لك لا أريد أن أراك عندما أعود ؟
* هذا منزلي ومنزل أولادي ولن أتركه، إذا كنت لا تريدنا غادر أنت
أصبحت كتابا مقروءا لها، تعرف ما يجول بخاطري،
لن تهدأ حتى تذهب بي إلى الطبيب النفسي ، أعرف ذلك ، كل النساء هكذا عندما يضعون شيئا في رأسهم لن يخرجوه أبدا
يطاردني الطبيب في أحلامي و يقظتي ، يسألني عن ، عن أمي عن طفولتي
أخاف الظلام و أخاف الدماء اللزجة و رأس أمي المقطوعة و صوت أبي الخافت : كل شيء على ما يرام
تضحك زوجتي مجنون مجنون
أغمض عينيي ، أضع أصابعي في أذني صوتها يعلو أكثر
اصمتي اصمتي …..
أهرب من الغرفة المظلمة و السكين بيدي و الدم اللزج يملأ المكان .
د صبري غانم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق