Translate

الجانب الآخر للكاتب السوداني / إياد كرم الله عبداللطيف

 


الجانب الآخر
إياد كرم الله عبداللطيف
السودان
..
الحياةُ ليستْ رَحيمة ..
هكذا إبتدرت 'عندالله ' وهذا إسمها حديثها لصديقتها المقربة بثينة، وهي تبثها شكواها، والتي بدورها نصحتها بشوربة الحمام، وأقسمت لها ثلاث أنها أفضل من الفياجرا
' يا بت إنتِ هبلة! موز شنو! قلت ليك شوربة الحمام، أسالي مجرب '
عشعشت الأماني الحلوة فوق رأسها الصغير وصار القِدر يغلي كل يوم بأفضل أنواع الحمام، لكن الحال إستمر على حاله ،لتقتنع وترضى بقسمتها، وتفوض أمرها إلى الله.
لكن الذي حدث في تلك الليلة الخريفية شيءٌ دعاها للتفاؤل وفتح باب الأمل من جديد. فالأجواء كانت رائعة وعبقة بدعاشِ المطر ورائحة طين الجالوص المنبعثة من بين شقوق جدران الحوائط الطينية العتيقة، فإندفع رحوم كسيل عرم ودفع باب المنزل برجله وهو يتراقص كالأرقوز، منتشياً بروعة الأجواء ولذة الخمر، ودلف كطرزان يصفق، يترنم، يترنح، ويرقص. إعتبرتها عند الله لحظة من لحظات المجون أو التجلي التي تنتابه كلما أفرط في شرب العرقي. فهي تعرف زوجها أكثر من نفسها، وتعرف مزايا عرقي صابرين المعفن.
تعرف عندالله بأنها مرأة صابرة، صامدة ، وقادرة على التكيف مع أي ألم، حتى أنهنّ صِرن ينادينها سراً في مجالس الحريم بـحمارة رحوم، وظلت على حالها تستقبل معاقرته للخمر بقلب رضي؛ لا ،بل تعتبرهُ ضرباً من ضروب الإستشفاء الذاتي. بينما عاش حياته مؤمناً إيماناً لايخالطه شك أن عرقي صابرينا يتيح له مساحة رحبة يرومها ليعبر بمَ يجيش ويعتمل بداخله. حتى تملكتهُ حالة من حالات اليقين الراسخ بأن السعادة عصفور يتيم لا يغرد إلا بأمر صابرينا، فكر هذا التفكير وهوَ لايزال قيدَ النشوة يترنح ويدندن بكلمات تتقافز من فمهِ ككرات مطاطية، لذلك عندما أطفأ الفانوس، وتقدم قليلاً كاد يسقط في باحة الظلام، لـولا أن تلقتهُ يداها الحنونة. شّعَ وهجٌ آسر من عينيه أنارَ دجنة الليل. نظر في عينيها برغبة شديدة حتى إستشعرت عظمة اللحظة، بينما إستدعى هو ما تبقى من قدرة مختبئة خلف جدار العمر، وبعد إبتسامة تموجت على فاهه حيرى قال لها
إنتِ الليلة مــا عند الله؛ إنتِ الليلة عندي أنــــــــــــا.
كانت الحلة حينذاك ساكنة، ووادعة كحُلم مَنسي خربشتهُ مخالب الزمـن. لم تعِ بالضبط معنى حديثه، إلا حين إنتابتها وخزةٍ بين رجليها. إبتسمت بِخجل، إنتشت بلذة الفكرة، جهزت ما يَـلزم.ألصقت السريرين، دثرت المراتب بملايات جديدة، تزينت، تعطرت، وأحضرت الدلكة والريحة وشوربة الحمام، ودون إبطاء وبسرعة خلعت جلبابه المتسخ في إحترافية جزار يخلع جلد مذبوحة، ثم مددتهُ فوق السرير عاري إلا من رغبة بعيدة يتخللها تثاؤب قريب. مررت أناملها بخبرة من عركتها التجارب ،وبلطف وهدوء مسحته بدلكة الخمرة والمحلب على جسمه المتفحم المتيبس كحطبة محروقة. دهنت كل شيء، وأطلقت لأناملها العنان. إقشعرَ جلده الناشف مثل جلد السمكة، ثم بدأ يلين مع ليونة الزيت الدافىء، وحركة الأنامل الظريفة، إستأنس هو وبدأ يئن أنين الموجوع ويتأوه كطفلٍ أقضت مضاجعهُ نوباتِ حلمٍ مضطرب، رويداً رويداً همد، وتحول إلى جثة اختلط صوت شخيرها بصوت الوابور القادم من طرف الحواشة .تأملتهُ بأسى، متكوماً وسط السرير، كضب صغير تفوحُ من فمهِ رائحة العرقي العفنة، غطته بالملاءة ودفنت روحها إلى جانبه.
' غريب أمر هذا الكائن المسمى إنسان،وكأنّ داخل هذا الكون أيادي ماجنة تعبثُ به!
حدقت في النجوم البعيدة، وودت لو أن يدها إستطالت ولمستها، لكنها بعيدة بُعد أحلامها. أطلقت زفرات حرى وهي تفكر حتى خلدت للنوم ، جاءتها إستفاقة وهي تنقلب ،رأت فوق الحائط قط وقطة في لحظة شبقٍ يمارسان الحب، تابعتهم بإهتمام وحرص حتى لحظة سقوطهما على الجانب الآخر .
.......إنتهت....

قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏لحية‏‏ و‏ابتسام‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات مميزة

DR. MUJË BUÇPAPAJ - ALBANIA .. Poet Mujë Buçpapaj was born in Tropoja, Albania (1962). He graduated from the branch of Albanian Language and Literature, University of Tirana (1986).

DR. MUJË BUÇPAPAJ - ALBANIA  Poet Mujë Buçpapaj was born in Tropoja, Albania (1962). He graduated from the branch of Albanian Language...

المشاركات الأكثر مشاهدة