قلب بلا مأوى
للكاتبة المصرية
وفاء عبدالحفيظ
بينما كانوا يحتفلون بزواج محمد( الابن البكر) ترقرقت الدموع على خده، بحركة سريعة محا العبرات، وكأنها تركت أثرها مازال القلب ينزف أحزانه رغم السنين الطوال ، أظلمت وجهه سحابة من المرارة التي تجرعها طيلة حياته، لم يشأ أن يمحو ذاكرته التي تعصف به مراراً وتكراراً، يعبث في شعره فيعود طفلاً صغيراً يبكي لأن والده ضربه ضربًا مبرحًا، على إثره ثارت أمه تعنف زوجها، وهو الابن الوحيد الذي -رزقهما الله - سرعان ما تتجرع الأم كؤوس الضرب والتلطيش يمينًا ويسارًا، تسقط أرضًا في دمائها الندية، تزوجته عن طيب خاطر، لأن الحياة لا تترك لها حرية قول( لأ) وتعيش أدميتها بكرامة، أخذت ابنها وذهبت إلى والدها، بعد الانفصال ، الخُطّاب جاءوا كثيرًا، وأخيرًا نهرها والدها لتتزوج وقد كان، توسمت فيه الإنسانية والرحمة قد تزوج من قبل
ولم يرزق بالذرية، أخذتها نشوة السعادة، حين أدركت أن ابنها سيعيش سعيدًا، ( لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن) فجأة بدت معالم شخصيته وجبروته وتسلطه في كل الأمور
كان ميسور الحال، وكثير التبذير في أمواله وضياعها، بسبب مجونة وسهره مع رفاق أبليس، استشاط غضبًا من ابنها، أضمرها في نفسه أنه غير قادر على الإنجاب ورؤيته لأحمد تذكره بعجزه،
عامله معاملة غير أدمية، حين أحرق أصابعه لأنه مد يده للطعام وهو جائع قبل أن يجلس السيد صاحب المنزل ويأمره بتناول الطعام، في الصباح قرر الهروب من المنزل .
وكان في الثامنة من عمره، ولن تستطيع الأم الخروج للبحث عنه لأنه هددها بالقتل وبعدها سينال من ابنها ، رضخت للأمر الواقع، هام على وجهه لا يعلم أين يذهب؟ ! وبيت الجد محرّم عليه،لأن خاله يقطن مع جده وهو غليظ القلب يأخذه التيه لأنه مهندس وذو مكانة مرموقة،
جلس بجوار منزل كبير، وغفلت عيناه، في الصباح وجد من ينهره بقوة ليبتعد عن المنزل، نادت السيدة البواب، ليحضره، عندما رأته أدركت أنه ليس متسولًا، سألته عدة أسئلة ؟ أجابها : قصّ عليها الحقيقة ورفض العودة لأهله، أجلسته مع البواب،
وظل يمارس حياته في العمل بالحديقة، طلب منها أن يدرس، جعلته يكمل تعليمه، حتى صار موظفًا بعد تخرجه في كلية التجارة ، رغم ما وصل إليه،
نفسه عليلة دائما، أفاق من شريط الذكريات على نداء محمد العريس وقوله: أنت ستقود سيارتنا إلى مدينة الإسكندرية، لقضاء شهر العسل، ابتسم أحمد وقال: طبعا طبعا هو أنا أقدر أرفض طلب !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق